الزوجية آية من آيات الله في حياة الإنسان بل في الكون من حولنا .
( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا .. ) " الروم : 21 " ( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ) " الذاريات : 49 " .
وقد جعل الله عز وجل لكل وزج خصائص ووظائف .. أدرك الإنسان ذلك بالفطرة ، وأُيدت الفطرة بالشرع الإلهي الذي بينه الأنبياء الكرام للناس عبر العصور .
ومن متطلبات التوازن في الحياة الإنسانية ضبط العلاقة بين الرجل والمرأة ، وهذا ما حرص الشرع عليه ، وأدركه عقلاء البشر في كل المجتمعات . وإذا كان تطلع الرجل إلى المرأة والمرأة إلى الرجل فطريا فقد ضبط الشرع هذا التطلع ، وأقام قواعد شرعية تنظم هذه العلاقة ، وقد كانت ثمرات هذا التنظيم خيرا وبركة على الإنسان فردا ومجتمعا ، وقد كان من عوامل تدهور المجتمعات الإنسانية اضطراب العلاقة بين الرجل والمرأة .. كان ذلك في اليونان القديمة ، وها هو يتجدد اليوم في الحضارة الغربية المعاصرة ، وها هي ضوابط الفطرة وعقوباتها تلاحق الخارجين عنها .. بالأمراض الجنسية التي تتجدد من حين إلى آخر .. من الزهري إلى السفلس إلى الإيدز .. !
لقد حرص الإسلام على صيانة المجتمع .. وصيانة أفراده ذكورا وإناثا وحرص على إقامة علاقة سليمة بين الذكور والإناث تكون عاقبتها خيرا ، وإن زاوية النظر إلى المرأة تقع في أمرين : المرأة الأنثى ، والمرأة الإنسان .
أما المرأة الأنثى : فإن الذكر ينظر إليها نظرة تهدف إلى إشباع شوقه الفطري ورغبته الجسدية والنفسية ، وإنما ينظر هذه النظرة زوج أو طالب زواج .
وأما المرأة الإنسان فإن المحارم لا ينظرون إلى إناثهم نظرتهم إلى أنثى : أي جسدا وجمالا وموضع تلذذ ! بل ينظرون إليها كائنا إنسانيا يرون منها ما سوى الجسد ، ولا يميلون إليها ميل ذكر إلى أنثى ، بل نظرة أب إلى ابنته ، أو أخ إلى أخته .. وهكذا .. ويدخل في هذا الباب ما يكون من تعامل طارئ بين الرجال والنساء من بيع وشراء وعلم .. فإن الأصل أن ينظر الرجل إلى المرأة في هذه الأحوال نظرة إنسان إلى إنسان ، لا نظرة ذكر إلى أنثى ولا ينبغي أن يفهم من هذا أن نظرة الرجل إلى زوجه هي نظرة إلى أنثى فحسب ، فإن العلاقة بين الرجل والزوجة هي علاقة إنسان بإنسان فضلا عن كونها علاقة ذكر بأنثى . وقد ساعد على إقرار هذه النظرة : الإنسان إلى الإنسان ما شرعه الله عز وجل من الحجاب الذي يستر الفتنة ، ويخفي المحاسن التي تثير نزعة " الذكر " لدى الرجل عند نظره إلى " الأنثى " .
وما من امرأة تظهر زينتها ثم تخرج إلى الناس إلا وهي تبرز " الأنثى " من شخصيتها ، وقد يبدو منها الجانبان : الأنثى ، والإنسان ، وقد يطغى أحد الجانبين على الآخر على مقدار تبرجها أو قدرتها على توجيه النظر إلى جانب دون الآخر !
وهذا ما حرصت عليه الحضارة الغربية المعاصرة .. أن تظهر من المرأة جانبها الأنثوي ظهورا طاغيا أحيانا ، وظهورا موازيا لإنسانيتها ثانيا ، ولذلك نجد ألوانا من الفتن تطغى في هذه الحضارة .. وفي المجتمعات الإسلامية التي سارت على منهجها . إن الميل العظيم الذي مالته الحضارة الغربية الحديثة .. وهو السوس الذي سينخر في أعماقها .. وهذا ما يسعى إليه المفتونون بها من أتباع الشهوات ( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ) " النساء : 27 " .
مقال بقلم الدكتور / مأمون فريز جرار
( مجلة الدعوة .. العدد 1690 )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق